موضوع: رحمة النبي صلى الله عليه وسلم الإثنين نوفمبر 15, 2010 5:44 am
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ، ونستعين به ، ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، سيد الخلق و البشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارض عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين . أيها الإخوة الكرام : نحن في مناسبة مولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ونحن نشاهد كل يوم قسوة الإنسان ، وظلم الإنسان ، وقهر الإنسان ، وأثرة الإنسان ، نشاهد قسوة لم يسبق لها مثيل هذه القسوة ، أنا أتيت من جنوب السودان ، كنت في مهمة ، الذي رأيته واللهِ لا يمكن أن يصدقه بشر ، حرب أهلية هدتهم أربعين عاماً ، لا ماء ، ولا طعام ، ولا كساء ، ولا تعليم ، ولا صحة ، وملايين النازحين الذين يعيشون حياة لا تحتمل . أيها الإخوة الكرام : قسوة البشر ، وجريمة البشر ، وطغيان البشر دعتني إلى اختيار موضوع الرحمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واللهِ نحن في نعمة أيها الأخوة لا يمكن تصورها ، نعمة أن هناك كأس ماء تشربه ، أن هناك بيتاً تسكنه ، أنه عليك ثياب تستر عورتك ، أناس كثيرون لا ثياب عليهم إطلاقاً ، من شدة القهر والفقر ، نحن في نعم أيها الإخوة لا تعد ولا تحصى ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)) . [الترمذي] وقد قدَّم بلدُنا الطيبُ بفضل الله عز وجل لهذا الجنوب مساعدات مجزية جداً من بلدنا . أيها الإخوة الكرام : الحديث عن جنوب السودان يحتاج إلى أشهر ، لكن هذا مختصر . أيها الإخوة الكرام : في تاريخ البشرية كلها بروادها ، بصفوتها ، بقادتها لا نكاد نعرف حياةً نقلت إلينا أنبائها ، وحفظت لنا وقائعها في وضوح كامل ، وتفصيل عميم شامل كما حفظت ونُقِلت إلينا حياة محمد بن عبد الله ، رسول الله رب العالمين ، ورحمته المهداة إلى الناس أجمعين ، فكل كلمة قالها ، وكل خطوة خطاها ، وكل بسمة تألقت على محياه وكل دمعة تحدرت من مآقيه وكل نفس حس تردد في صدره ، وكل مسعى سار لتحقيق أمره ، كل مشاهد حياته حتى ما كان منها من خاصة أمره ، وأسرار بيته ، وأهله ، كل ذلك نقل إلينا بحروف كبار ، موثق بأصدق ما عرف التاريخ الإنساني من وسائل وبينات ، لقد رحل النبي عليه الصلاة والسلام عن دنيانا من قرابة ألف وأربعمئة عام ، ومع هذا فنحن إذ نقرأ سيرته وتاريخه اليوم لا نحس أننا نقرأ عنه ، بل كأننا نسمعه ، ونراه ، ونعيش المشاهد كلها التي نطالعها مكتوبة ومسطورة ، ولا عجب في هذا ، فمادام الله قد اختاره ليختم به النبوة والأنبياء، فمن الطبيعي أن تكون حياته منهجاً جليلاً لأجيال لا منتهى لأعدادها ، وأن تكون هذه الحياة بكل تفاصيلها أشد وضوحاً وتألقاً من فلق الصبح ورابعة النهار ، لا بالنسبة إلى عصره فحسب ، بل بالنسبة لكل العصور والأجيال ، حياة النبي عليه الصلاة والسلام وشمائله وجوانب شخصيته ونتائج دعوته لا تستوعبها المجلدات ، ولا خطب في سنوات ، فالرحمة مهجته ، والعدل شريعته ، والحب فطرته ، والسمو حرفته ، ومشكلات الناس عبادته، وحسبنا في هذه الخطبة أيها الإخوة أن نقف عند رحمته ، وقبل أن نقف عند رحمته ينبغي أن تعلموا علم اليقين أنك ترحم الناس بقدر اتصالك بالله ، وأنك تقسو عليهم بقدر بعدك عن الله ، فإذا كان للإيمان مؤشر ، وللرحمة مؤشر ، فالمؤشران يتحركان بتناسق تام ، وفي الأثر القدسي : ((إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي)) . [الفردوس بمأثور الخطاب عن أبي بكر الصديق] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ ، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ)) . [الترمذي ، أبو داود ، أحمد] النبي عليه الصلاة والسلام رحمة مهداة ، ونحن في ذكرى مولده لا يسعنا إلا أن نقتدي به ، فنتراحم ، ونتعاطف ، ونتباذل ، ويضحي بعضنا من أجل بعض حتى يحبنا الله عز وجل ، وينصرنا على أعدائنا الكثر . أيها الإخوة الكرام : قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ )) . [ الدارمي عن أبي صالح] لكن الطغاة إنما هم قسوة حلت بالبشر ، هذه الرحمة التي وصف النبي بها نفسه هي رحمة الأقوياء الباذلين ، لا رحمة الضعفاء البائسين ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ...)) . [ الترمذي ، أبو داود ، وأحمد] و في بعض الأحاديث القدسية : ((إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي)) . [الفردوس بمأثور الخطاب عن أبي بكر الصديق] لقد أعلن النبي عليه الصلاة والسلام أن الرحمة عنده خير من الإفراط في العبادة ، وأزكى ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ، فَصَامَ النَّاسُ ، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ شَرِبَ ، فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ ، فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ)) . [مسلم] ماذا نفهم من هذه القصة ؟ إن مشقة السفر عذر مبيح للإفطار في رمضان ، و إن الرفق بالنفس يفوق في ميزان رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء ، هؤلاء الذين صاموا في السفر حتى أجهدوا ، فلم يتخلوا عن صيامهم يدمغهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعصيان ، لأنهم رفضوا رخصة الله ، رفضوا رحمة الله عز وجل ، و لاسيما الرحمة بالنفس و استبقاء عافيتها و قوتها ، لأن عافية النفس رأسمالها الوحيد . البند الأول في هذه الخطبة : كان عليه الصلاة و السلام يأمرنا أن نرحم أنفسنا ، نفسك مطيتك فارفق بها . الرحمة بالنفس أفضل من الإسراف في العبادة ، و المؤمن يقبل رخص الله عز وجل. أيها الإخوة الكرام : حينما توضع الرحمة في كفة ، والعبادة في كفة ترجح كفة الرحمة على كفة العبادة .
أيها الإخوة : رجل يسرع الخطى إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، يغشاه فرح كبير ، تغمره فرحة عارمة ليبايع النبي عليه الصلاة والسلام على الهجرة معه و على الجهاد في سبيل الله تحت رايته ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ نَاعِمًا مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : ((أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ ، قَالَ : فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بَلْ كِلَاهُمَا ، قَالَ : فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ ، فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا )) . [متفق عليه] إكرام الوالدين يفوق الجهاد في سبيل الله ، قال له : ((فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا)) . يسأله رجل آخر : ((يا رسول الله إني أشتهي الجهاد معك ، ولا أقدر عليه ، فيقول عليه الصلاة و السلام : هل بقي من والديك أحد ؟ فيقول الرجل : نعم يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة و السلام : قابل الله في برهما ، فإن فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد)) . [الطبراني في المعجم الصغير عن أنس] الرحمة بالوالدين . البند الأول : الرحمة بالنفس . البند الثاني : الرحمة بالوالدين . إن بسمة تعلو شفتي أب حنون ، و تكسو وجه أم ملهفة لا تقدر عند النبي صلى الله عليه و سلم بثمن ، حتى حينما يكون الثمن جهاداً في سبيل الله . أيها الإخوة ، العبادة تتحول إلى عقوق إذا تمت على حساب الرحمة بالوالدين ، هذا عن رحمته بالنفس ، وعن رحمته بالوالدين ، فماذا عن رحمته بالأهل و الزوجة ؟ أما رحمته بالأهل فشيء عجيب ، لقد ربط النبي عليه الصلاة والسلام الخيرية المطلقة برحمة المرء بأهله ، وإحسانه إليهم ، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيحعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((خَيْرُكُمْ – مطلقا - خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي ...)) . [الترمذي] وقال عليه الصلاة والسلام : ((أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ)) ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ : عَوَانٌ عِنْدَكُمْ يَعْنِي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ . [سنن الترمذي] وقال عليه الصلاة والسلام : (( اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم )) . [البيهقي في شعب الإيمان عن أنس] وقال عليه الصلاة والسلام : أكرموا النساء ، فوالله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم)) . [الجامع الصغير] وفي زيادة لهذا الحديث : ((يغلبن كل كريم ، ويغلبهن لئيم ، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون كريماً غالباً )) . [ورد في الأثر] وقال عليه الصلاة والسلام : ((خيركم خَيركم للنساء )) . [الحاكم في المستدرك عن ابن عباس] أيها الإخوة الكرام : عَنْ مَالِكبن الحوريثقال : ((أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا ، أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا ، فَأَخْبَرْنَاهُ ، قَالَ : ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ ، وَعَلِّمُوهُمْ ، وَمُرُوهُمْ ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا ، أَوْ لَا أَحْفَظُهَا ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ )) . [متفق عليه] كان يشعر أن هذا الإنسان له زوجة ينبغي أن يجلس معها ، اشتاق إليها ، واشتاقت إليه ، كان رحيماً بالأهل إلى درجة تفوق حد الخيال . زوجة الصحابي الجليل عثمان بن مظعون رضي الله عنه دخلت على السيدة عائشة تشكو بثها و حزنها ، فعثمان زوجها مشغول عنها بالعبادة ، يقوم الليل ، ويصوم النهار ، فلقي النبي عليه الصلاة والسلام عثمان بن مظعون ، قال : يا عثمان أما لك بي أسوة ؟ قال بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، وماذا ؟ قال عليه الصلاة والسلام : تصوم النهار ، وتقوم الليل ؟ قال : إني لأفعل هذا ، فقال عليه الصلاة و السلام : لا تفعل ، إن لجسدك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، فآت كل ذي حق حقه ، و امتثل عثمان لنصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و التزم أمره ، و قرر أن يؤدي حق أهله ، و في صبيحة اليوم التالي ذهبت زوجة عثمان إلى بيت النبي عليه الصلاة والسلام عطرة نضرة كأنها عروس ، و اجتمع حولها النسوة ، و أخذن يتعجبن من فرط ما طرأ عليها من بهاء و زينة ، قلن لها : ما هذا يا زوج ابن مظعون ؟ قالت وهي تضحك : أصابنا ما أصاب الناس ، فقد روى الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : ((دَخَلَتْ عَلَيَّ خُوَيْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ وَكَانَتْ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ ، قَالَتْ : فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَذَاذَةَ هَيْئَتِهَا ، فَقَالَ لِي : يَا عَائِشَةُ ، مَا أَبَذَّ هَيْئَةَ خُوَيْلَةَ ! قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ امْرَأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا ، يَصُومُ النَّهَارَ ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، فَهِيَ كَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا ، فَتَرَكَتْ نَفْسَهَا ، وَأَضَاعَتْهَا ، قَالَتْ : فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَجَاءَهُ ، فَقَالَ : يَا عُثْمَانُ أَرَغْبَةً عَنْ سُنَّتِي ؟ قَالَ : فَقَالَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ ، قَالَ : فَإِنِّي أَنَامُ ، وَأُصَلِّي ، وَأَصُومُ ، وَأُفْطِرُ ، وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ ، فَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ ، وَصَلِّ وَنَمْ )) . [أحمد] هذه رحمته بالأهل ، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام وعد المرأة التي تحسن تبعل زوجها بأن لها درجة عند الله تعدل درجة المجاهد في سبيل الله فقال عليه الصلاة و السلام : (( اعلمي أيتها المرأة و أعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله)) . [البيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد] هذا عن رحمته بالنفس و بالوالدين و بالزوجة ، فماذا عن رحمته بالأولاد ؟ كان عليه الصلاة و السلام إذا رأى طفلاً يظهر له البشر و السرور إيناساً له ، كان يأخذ أطفال أصحابه بين يديه يحملهم ، يداعبهم ، كان إذا مرّ بصبية يقرئهم السلام يقول السلام عليكم أيها الصبية. حدث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى صبية يتسابقون فجرى معهم ، سابقهم أيضاً تطييباً لهم ، و كان يلقى الصبي ، وهو يركب ناقته فيدعوه إلى ركوب الناقة ليدخل على قلبه السرور . وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ((أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتُقَبِّلُ الصِّبْيَانَ ؟ فَوَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَمْلِكُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَزَعَ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ )) . [متفق عليه] عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ((أَنَّ ابْنَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ ، وَهُوَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَعْدٌ وَأُبَيٌّ ، نَحْسِبُ أَنَّ ابْنَتِي قَدْ حُضِرَتْ فَاشْهَدْنَا ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا السَّلَامَ ، وَيَقُولُ : إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ ، وَمَا أَعْطَى ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى ، فَلْتَحْتَسِبْ وَلْتَصْبِرْ ، فَأَرْسَلَتْ تُقْسِمُ عَلَيْهِ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا ، فَرُفِعَ الصَّبِيُّ فِي حَجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَفْسُهُ جُئِّثُ ، فَفَاضَتْ عَيْنَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ ، وَلَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الرُّحَمَاءَ)) . [متفق عليه] وعن النبي عليه الصلاة والسلام أنه : ((أول من يمسك بحلق الجنة أنا ، فإذا امرأة تنازعني تريد أن تدخل الجنة قبلي ، قلت : من هذه يا جبريل ؟ قال : هي امرأة مات زوجها، وترك لها أولاداً ، فأبت الزواج من أجلهن )) . [ورد في الأثر] أيها الإخوة الكرام : ماذا عن رحمته بالصبيان عامة ؟ عن الْمَعْرُورِ بْنِ سُويْدٍ قَالَ : رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ ، وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : ((إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ ، جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ )) . [متفق عليه] و في إضافات هذا الحديث : " و الليل لهم ، والنهار لكم " و حينما رأى النبي عليه الصلاة والسلام أبا ذر يضرب غلامه قال : اعلم أبا ذر أن الله أقدر عليك منك عليه . وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا ، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا ، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ )) . [ أحمد ] وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا ، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ )) [ البخاري ، النسائي ، أبو داود ، ابن ماجه ، أحمد ] أما عن الجارفعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ )) . [متفق عليه] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، قَالُوا : وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الْجَارُ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا بَوَائِقُهُ ؟ قَالَ : شَرُّهُ)) . [ أحمد ، مسلم ] بل إن النبي عليه الصلاة والسلام يحدثنا عن امرأة تذكر أنها تكثر من صلاتها وصدقتها وصيامها ، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : ((يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا ، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : هِيَ فِي النَّارِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلَاتِهَا ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : هِيَ فِي الْجَنَّةِ)) . [ أحمد] قال عليه الصلاة والسلام : ((أتدرون ما حق الجار ؟ إذا استعان بك أعنته ، وإن استنصرك نصرته ، وإن استقرضك أقرته ، وإن مرض عدته ، وإن أصابه خير هنأته ، وإن أصابته مصيبة عزيته ، وإن مات شيعته ، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ، وإن اشتريت فاكهة فأهدي له منها ، فإن لم تفعل فأدخلها سراً ، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها)) . [ابن رجب في جامع العلوم والحكم] أيها الإخوة الكرام : هذه رحمة النبي عليه الصلاة والسلام بالصغار عامةً ، ورحمته بالجوار ، من لا يرحم لا يرحم يعني بسبب رحمة استقرت في قلبك يا محمد كنت ليناً لهم ، فلما كنت ليناً لهم التفوا حولك ، وفدوك بأنفسهم وأرواحهم ، وقدموا لك الغالي والرخيص ، والنفس والنفيس ، ولو كنت فظاً غليظ القلب ، لو كنت منقطعاً عنا لامتلأ القلب قسوة ، وانعكست القسوة غلظة ، فانفضوا من حولك ، إذاً هناك معادلة دقيقة جداً ، اتصال بالله ، رحمة تنعكس ليناً تسبب التفاف الناس حولك ، انقطاع عن الله ، قسوة تنعكس غلظة سبب انفضاض الناس حولك ، لذلك الأنبياء ملكوا القلوب برحمتهم ، والأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم ، وترون الآن بأم أعينكم، وتسمعون ماذا يفعل الأقوياء في السجون ، كيف يقهرون الإنسان ، كيف يذلونه ، كيف يتجاوزون كل الخطوط الحمراء ، كيف يبنون مجدهم على أنقاض الشعوب . أيها الإخوة الكرام : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((تُمْلَأُ الْأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي يَمْلِكُ سَبْعًا أَوْ تِسْعًا فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا)) . [أحمد] والله الذي لا إله إلا هو لقد ملئت الأرض قسوة وظلماً . أيها الإخوة الكرام : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، و اعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، و سيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه ، و عمل لما بعد الموت ، و العاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني ، و الحمد لله رب العالمين .
* * * الحمد لله رب العالمين ، و أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ، صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أيها الإخوة الكرام : رجل بريطاني مقيم في بريطانيا ، ليس مسلماً ، لكنه يبحث عن الأديان ، أراد أن يتأمل فيها ، أن يدرسها ليتخذ أحدها ديناً له ، فقال هذا الرجل : أهداني أحد الطلاب المسلمين ترجمة لمعاني القرآن الكريم فشكرته عليها ، وأخذتها إلى البيت ، وقد يقول أحدهم : من باب الصدفة فتح هذا الكتاب صدفة ، فإذا بتفسير سورة القمر كانت أول سورة اطلعت عليها ، وقرأت قوله تعالى :
[ سورة القمر : 1] فقلت : هل يعقل هذا الكلام ؟ هل يمكن للقمر أن ينشق ، ثم يلتحم ، وأية قوة تستطيع عمل ذلك ؟ يقول هذا الرجل : بصراحة هذه الآية صدتني عن متابعة الكتاب ، اعتقد أن هذا الكتاب كتاب فيه خرافات ، هذه الآية التي قرأتها أول ما قرأتها صدتني عن متابعة القراءة ، وانشغلت بأمور الحياة ، لكن الله تعالى - هكذا يقول - يعلم إخلاصي في البحث عن الحقيقة ، فأجلسني ربي أمام التلفاز البريطاني ، وكان هناك حوار يدور بين معلق بريطاني ، وثلاثة من علماء الفضاء ، وكان المذيع يعاتب هؤلاء العلماء على الإنفاق الشديد على رحلات الفضاء ، في الوقت الذي تمتلئ الأرض بمشكلات الجوع والفقر والمرض والتخلف ، وكان يقول المذيع: لو أن هذا المال أنفق على عمران الأرض كان أجدى وأنفع ، وجلس هؤلاء العلماء الثلاثة يدافعون عن وجهة نظرهم ، ويقولون : إن هذه التقنية تطبق في نواح كثيرة في الحياة، حيث إنها تطبق في الطب والصناعة والزراعة ، فهذا المال ليس مالاً مهدراً ، لكنه أعاننا على تطوير تقنيات متقدمة للغاية ، ومن خلال هذا الحوار جاء ذكر رحلة إنزال رجل على سطح القمر ، باعتبار أنها أكثر رحلات الفضاء كلفةً ، لقد كلفت هذه الرحلة دققوا أيها الإخوة الكرام : مئة ألف مليون دولار ، حتى صعد إنسان إلى سطح القمر كلفت هذه الرحلة مئة ألف مليون دولار ، فقال المذيع البريطاني : وأي سفه هذا ؟ مئة ألف مليون دولار كي تضعوا علمكم على سطح القمر ؟ قالوا : لا ، لم يكن الهدف وضع العلم فوق سطح القمر ، كنا ندرس التركيب الداخلي للقمر ، فوجدنا حقيقة لو أنفقنا أضعاف هذا المال لإقناع الناس بها ما صدقنا أحد ، فقال المذيع : وما هذه الحقيقة ؟ قالوا : هذا القمر انشق في يوم من الأيام ، ثم التحم ، قال لهم : كيف عرفتم ذلك ؟ قالوا : وجدنا حزاماً من الصخور المتحولة يقطع القمر من سطحه إلى جوفه إلى سطحه ، فاستشرنا علماء الأرض وعلماء الجيولوجيا ، فقالوا : لا يمكن إلا أن يكون هذا قد حدث في القمر شيء ، أي لابد من أن ينشق القمر ، فهذا الرجل البريطاني الذي صدته هذه الآية عن متابعة الكتاب قفز من الكرسي ، قال : قفزت من الكرسي الذي أجلس عليه ، وقلت : معجزة تحدث عنها محمد صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمئة عام يسخر الله أمة قوية لإنفاق أكثر من ألف مليون دولار لإثباتها للمسلمين ، لابد من أن يكون هذا الدين حقاً ، قال تعالى :
[ سورة القمر : 1-2] اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ، ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك و نتوب إليك ، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت ، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام ، وأعز المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، أذل أعداءك أعداء الدين يا رب العالمين ، شتت شملهم ، فرق جمعهم ، خالف فيما بينهم ، اجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين ، اللهم أرنا قدرتك بتدميرهم كما أريتنا قدرتهم في تدميرنا يا رب العالمين ، إنك سميع قريب مجيب الدعاء .