بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في تربية الأولاد في الإسلام ، ولا زلنا في السلسلة الثانية في الوسائل الفعالة في تربية الأولاد في الإسلام .
Text Box: العقل السليم في الجسم السليم :
تحدثنا عن أسلوب القدوة ، وأسلوب التلقين والتعويد ، وأسلوب الموعظة ، وأسلوب العقاب ، وأسلوب الملاحظة ، ثم وصلنا إلى أسلوب الربط ، واليوم حديثنا عن الربط الرياضي .
الشيء المؤلم أشد الألم أن تجد إنساناً منحرفاً ، فاسداً ، غارقاً في المعاصي والآثام لكنه يعتني بجسمه أشد العناية ، يعتني بلياقته ، يعتني بأعضائه ، يعتني بصحته ، وأن تجد إنساناً آخر مسلماً ، يحمل رسالة كبيرة ، أمامه مهمات جسيمة ، حياته ثمينة جداً ، مع كل هذه الخصائص التي مكنه الله بها مهمل لجسمه ، فهذا الابن الذي ينشأ في أسرة لا تعتني بصحتها ، تأكل ما يحلو لها ، لا تأكل ما ينبغي أن يؤكل ، لا شك بأنه سيصاب بأمراض وبيلة ، والشيء المؤلم أشد الألم أن القسم النسائي أشد خطراً ، تجد المرأة غير المؤمنة بأعلى لياقة جسمية ، بينما المرأة المؤمنة مقصِّرة ، مترهلة ، لا تعتني بصحتها ، لا تقيم للتدريب أي قيمة ، فالأمراض تتسارع إليها ، والوهن ، والعجز ، فأنا أرى أن العقل السليم في الجسم السليم ، أعلم علم اليقين أن هناك أمراضاً وبيلة ، مزمنة ، خطيرة ، أسبابها من عادات سيئة في الطفولة ، هناك أمراض مدمرة أسبابها الإرضاع الصناعي ، وجد أن أعلى نسبة ذكاء في العالم في جزر الباسيفيك ، هذه الجزر لا تعرف الإرضاع الصناعي إطلاقاً ، إذاً أحد أكبر أسباب التفوق الإرضاع الطبيعي ، لأن حليب الأم لا يعدله حليب آخر ، لأن حليب الأم متناسب كماً ونوعاً وتدريجاً مع حاجة الطفل ، بل إن الحليب الذي لا يشربه الأطفال من أمهاتهم فيه خمسة أضعاف حموض أمينية لا تقوى أجهزة الطفل على هضمها ، وهذه تسبب له أمراضاً وعائية مستقبلية ، تكاد ـ بحسب البحوث العلمية الحديثة ـ تكون أكثر الأمراض الوبيلة أسبابها تعود إلى سوء تربية الطفل ، وإلى عادات غذائية ليست نافعة إطلاقاً ، فأنت حينما تربي ابناً على طاعة الله ، وعلى محبته ، وعلى الإقبال عليه ، وعلى خدمة الناس ، ينبغي أن تربي جسمه أن يكون وعاءً قوياً لهذه النفس السامية ، لذلك تجد أنه عليه الصلاة والسلام كان بأعلى لياقة صحية ، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها : "سابقني رسول الله فسبقته " ، قال بعض شراح الحديث أنه جبراً لها مكَّنها أن تسبقه ، قالت : " فلما ركبني اللحم سبقني " .
معنى ذلك أن لياقته عالية جداً ، وأنه ما ركبه اللحم أبداً ، فهذا يعود إلى عادات جيدة جداً في تناول الطعام والشراب .
Text Box: سوء التغذية من الأسباب الأولى للأمراض الوبيلة :
أخوتنا الكرام ، تكاد الأمراض الوبيلة تعود في أسبابها الأولى إلى سوء التغذية ، أو إلى تناول طعام عشوائي وفق المزاج والرغبة والشهوة لا وفق الأسس الصحية ، لذلك هذا الشاب الذي تعلمه ، إن كان ابناً ، أو كان تلميذاً ، أو كان أخاً في المسجد ، لا بد من أن تعلمه بعض القواعد الصحية ، الناس الآن ضحية الإعلام الغذائي ، أكثر الطعام معلبات ، أكثر الشراب شراب غازي ، أكثر ما نُشّدُّ إليه ليس طعاماً صحياً ، فلذلك أنا أتمنى أن يكون في كل مسجد ثقافة صحية عالية جداً ، وإن شاء الله إذا انتهينا من هذه السلسلة هناك سلسلة محاضرات عن الوسائل الناجحة في التغذية ، وفي اللياقة ، على كلٍ هذا الذي تربيه إن كان ابناً أو كان طالباً ينبغي أن تعتني بصحته .
أولاً عند الطفل أو عند الشاب فراغ كبير ، هذا الفراغ ينبغي أن يملأ إذا ملئ بتدريبات رياضية ، وبألعاب رياضية نظيفة ، وبريئة ، ومشروعة ، هذا سبيل لملء فراغه أولاً وتقوية جسمه ثانياً ، والغريب أن الذي يألف الرياضة في وقت مبكر يتابعها لآخر حياته والذي لا يألفها في وقت مبكر يبغضها ويعاديها إلى آخر حياته ، على كلٍ الجسم القوي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
(( المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأحَبُّ إلى اللَّهِ تَعالى مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ )) .
[ رواه مسلم عن أبي هريرة ]
رجل في بعض المعارك قال : أين محمد ؟ ـ من أعداء المسلمين ـ لا نجوت إن نجا ، فأمسك النبي رمحه ووكزه فيه ، فولّى هارباً ، قيل له : لماذا فررت ؟ قال : والله لو بصق علي لقتلني ، من شدة قوته صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
((كل شيء ليس من ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو ، إلا أربع خصال : مشي الرجل بين الغرضين ـ انتقاله من هدف إلى هدف في أثناء الرمي ـ وتأديبه فرسه ، وملاعبته أهله ، وتعليم السباحة )) .
[ رواه الطبراني عن عبد الله بن أبي رباح ]
هذه ليست من اللهو ولا من السهو ، أن يتعلم السباحة ، أن يؤدب فرسه ، أن يؤنس أهله ، أن يمشي بين الغرضين أي الهدفين في الرمي .
(( ألا إن القوة الرمي ؛ ألا إن القوة الرمي ؛ ألا إن القوة الرمي )) .
[ رواه مسلم عن أبي هريرة ]
قوة السلاح في دقة رميه ، وهذه قيمة ثابتة حتى الآن ، يعني أشد الأسلحة فتكاً هي الأسلحة التي تأتي إصابتها دقيقة جداً ، وهذه صفة الأسلحة المتفوقة جداً .
(( ألا إن القوة الرمي ؛ ألا إن القوة الرمي ؛ ألا إن القوة الرمي )) .
Text Box: النبي الكريم أقرَّ أصحابه على التنافس في الرمي :
سيدنا عمر كتب إلى الولاة : " أما بعد ، فعلموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل " ، هذه القيم الرياضية التي كانت في عصر سيدنا عمر ، علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل .
(( مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالقوس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارموا بني إسماعيل ، فإن أباكم كان رامياً ، ارموا وأنا مع بني فلان )) .
[البخاري عن سلمة بن الأكوع]
انضم النبي عليه الصلاة والسلام إلى فريق يتنافس مع فريق في الرمي ، فأمسك الفريقان عن الرمي ، لأن النبي أصبح طرفاً .
" فأمسك أحد الفريقين بأيديهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لكم لا ترمون ؟ فقالوا : كيف نرمي وأنت معهم ؟ فقال : ارموا وأنا معكم كلكم " .
[البخاري عن سلمة بن الأكوع]
الطرف الثاني هل يعقل أن يرموا والنبي في الطرف الثاني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : (( ارموا وأنا معكم كلكم )) .
أنا معكم جميعاً ، يعني أقرهم على التنافس في الرمي ، وتروي كتب السيرة أن ركانا كان مصارعاً من أشد المصارعين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، علَّق إيمانه بالنبي على أن ينتصر النبي عليه في مصارعة ، فقد روى أبو داود عن محمد بن علي بن ركانا ، أن ركانا صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي ، وفي رواية مرة ومرتين وثلاثاً ، والله عز وجل وصف أحد الأنبياء فقال :
(سورة البقرة)
Text Box: التدريب الرياضي أفضل شيء ينشغل به الطفل بعد حفظ القرآن الكريم :
أفضل شيء ينشغل به الطفل بعد حفظ القرآن الكريم ، طبعاً بعد أداء واجباته المدرسية ، وبعد أداء خدمات لأهله ، حفظ كتاب الله أولاً ، والتدريب الرياضي ثانياً .
(( ارموا واركبوا وأن ترموا خير من أن تركبوا )) .
[البخاري وأحمد عن عقبة بن عامر]
يعني الذي يحسن ركوب الخيل شيء ، والذي يحسن إصابة الهدف شيء أكبر ، وللنبي عليه الصلاة والسلام ناقة تسمى العضباء ، وكانت هذه الناقة لا تُسبَق أبداً ، يعني من الطراز الأول ، فجاء أعرابي على قعود له ، قعود يعني ناقة فتية ، فسبقها ، فاشتد ذلك على المسلمين ، كيف تسبق هذه الناقة القعود ناقة رسول الله العضباء ، فقال عليه الصلاة والسلام دققوا في هذا الحديث :
(( إن حقاً على الله تعالى أن لا يرتفع شيء من أمر الدنيا إلا وضعه )) .
[البخاري عن أنس]
يعني إذا الناس عظموا شيئاً ، واحتفلوا بشيء ، وكرَّموا شيئاً ، ومجدوا شيئاً حتى بالغوا في ذلك ، الله عز وجل يضعه ، قال عليه الصلاة والسلام : إن حقاً على الله تعالى أن لا يرتفع شيء من أمر الدنيا ، أما من الآخرة معاذ الله ، إذا كنت متعلقاً بالآخرة ، وسمت نفسك ، حق على الله أن يزيدك هدى ، وأن يزيدك قوة .
( سورة الكهف)
أما إذا عظَّم الناس شيئاً من الدنيا هذا الشيء ربما ، يعني بلد إسلامي أنشؤوا مسجداً فوق البحر كلف مليار دولار ، ألف مليون ، استوحيت فكرته أنك وأنت في الحرم تصلي ينبغي أن ترى الموج ، وكان عرشه على الماء ، هكذا قرأت خبراً قبل أيام ، أن الأمواج بدأت تَحِتُّ في أساساته ، وظهرت بعض التصدعات ، لمَ يكون فوق البحر ؟ لمً لا يكون على صخر ؟ الألف مليون ينبغي أن تكون على الصخر ، هذا بيت من بيوت الله ، فالناس إذا عظموا شيئاً وضعه الله عز وجل ، هذه قاعدة ، يعني في حدود البيئة التي عاش فيها أصحاب النبي ، في حدود معطيات البيئة ، في حدود الأجواء التي عاشها النبي وأصحابه هذه نصوص كافية كي تؤكد أن هؤلاء الشباب الذين نعلمهم ونربيهم ينبغي أن نعتني بأجسامهم ، والعناية بالجسم لا تتناقض مع التدين ، لا أدري من أين جاءتنا هذه المفهومات البالية ، يعني أن هذا ولي مهمل لجسمه ، مهمل لأناقته ، مهمل لنظافته ، لا يعتني بصحته ، لا يأكل أكلاً جيداً ، أكلاً متوازناً ، ليس هناك نظام بعاداته إطلاقاً ، هل هذا هو المؤمن ؟ أيعقل أن يكون أهل الدنيا أكثر انضباطاً ، وأكثر عناية بصحتهم من المؤمن ، ومرة ثانية الصحة للمؤمن لها دور خطير لأن جسمه وعاء نفسه ، ونفسه طموحة إلى عمل صالح ، إلى دعوة ، إلى خدمة ، ونفسه وجسمه ملك أمته وملك أهله ، فالذي لا يعتني بصحته لا يعبأ بقوانين الله عز وجل .
Text Box: من تمام الأدب مع الله عز وجل أن تحترم قوانين الطبيعة وأن تطبقها تطبيقاً دقيقاً :
بالمناسبة أيها الأخوة في قاعدة مهمة جداً أنك إن أنكرت قانوناً ، أو سخرت منه ، أو استهزأت به ، لن تستطيع أن توقف عمله ، العمل نافذ فيك ولو لم تؤمن به ، يعني راكب طائرة عسكرية لم يعبأ بقانون السقوط ، السقوط له قانون يتناسب مع الوزن ، مع المسافة ، ومع الضغط وغير ذلك ، لذلك تصمم المظلات بحسب وزن المظلي ، وبحسب مقاومة الهواء ومساحتها مدروسة ، والمساحة متناسبة مع جسم المظلي ، والحبال مدروسة ، وأشياء دقيقة جداً ، يعني المظلة متوافقة تماماً مع قوانين السقوط ، لو أن إنساناً يركب طائرة عسكرية ، بمعنى أنه يمكن أن يلقي بنفسه منها بمظلة ، ولم يعبأ بقوانين السقوط ، ولم يكترث بها ، بل سخر منها ، وألقى بنفسه من دون مظلة ، هل يستطيع أن يمنع نفوذ هذه القوانين فيه ؟ ينزل ميتاً ، إذاً إن لم تهتم بقوانين الصحة لن تستطيع إيقاف عملها ، إنها تعمل .
من تمام الأدب مع الله عز وجل أن تحترم هذه القوانين وأن تطبقها تطبيقاً دقيقاً ، بعد أن بينت لكم أن النبي صلى الله عليه وسلم ربط هذا الطفل ، أو هذا الشاب ، أو هذا الطالب ، أو هذا الابن ، أو هذا طالب العلم الشرعي ، ربطه بالتدريبات الرياضية ، بركوب الخيل ، بالسباحة ، بالرماية ، ربطه بالإعداد الجسمي ، هناك ملاحظات .
أول ملاحظة الرياضة ضرورية جداً ، لكن لا يمكن أن تكون بديلاً للدين ، أما إذا اتخذت ديناً كل مشاعرنا ، وكل حماسنا ، وكل هياجنا ، وكل فرحنا بدخول كرة في مكان ، أصبحت ديناً ، كنت مرةً بين مكة والمدينة في بعض العمر ، فالسائق سمعته يتحمس إلى فريق رياضي حماساً لدرجة تفوق حد الخيال ، عجبت وقلت : والله أصبحت هذه ديناً جديداً ، لما أحد خطباء مصر افتقد المصلين يوم الجمعة : أين هم ؟ قال : والله في لاعب كبير ، في مباراة الآن وقت صلاة الجمعة آخر مباراة له ، لأنه اعتزل اللعب ، فزحفت القاهرة كلها لحضور هذه المباراة ، من هذا اللاعب ؟ قال : اسمه زيزو ، فقال : اللهم اجعلنا في بركات زيزو ، اللهم احشرنا مع زيزو ، ماذا فعل زيزو ؟ حرر فلسطين ؟ قالوا : لا ، أعاد القدس ؟ قالوا : لا ، هو يتساءل ماذا فعل زيزو الذي ترك الناس الصلاة من أجله ؟!! والله في مشاهد أراها وأستمع إليها ليست معقولة إطلاقاً ، أصبحت الرياضة ديناً ، دين ، وهذا خطأ كبير ، لذلك إذا حضضنا على الرياضة لا بد من التوازن ، يعني جانب من جوانب حياتنا لتقوية أجسامنا ، لا لنعبدها من دون الله ، المثل العليا الصحابة الكرام وليسوا لاعبي الكرة ، الحماس الشديد لخير أصاب المسلمين لا لكرة دخلت في مكان ، يعني دولة متخلفة ، متعسرة ، أمرها ليس بيدها ، تعاني الأمرين ، تعاني من ضعف الثروات ، تعاني من ضعف التقدم العام ، وهي الأولى في كرة القدم ، والناس جميعاً يعظمونها ، لا بد من مقاييس حقيقية للتقدم .
Text Box: بعض التحفظات على الرياضة :
1ـ أن تضع الرياضة في حجمها الحقيقي لا أن تكبرها حتى تمتص كل وقتك :
أولاً : لابدّ من التوازن ، يعني أن تضع الرياضة في حجمها الحقيقي ، وسيلة لتدريب الجسم وتقويته ، ليس غير ، تحتاج إلى اعتدال ، إلى توازن ، سمعت عن رئيس دولة قام رقص عندما نجح فريقه أمام الناس ، لا يصح هذا ، هذا أعلى مقام في الأمة ، أن يختل توازنه إذا الفريق فاز ، هذا غير معقول .
(( إن لربك عليك حقاً ، وإن لنفسك عليك حقا ً، وإن لأهلك عليك حقاً ، فأعط كل ذي حق حقه )) .
[البخاري والترمذي والدار قطني عن أبي جحيفة]
جسمك يحتاج إلى تدريبات ، إلى نوم كافٍ ، إلى غذاء متوازن ، أعطِ كل ذي حق حقه ، أول تحفُّظ أن تضع الرياضة في حجمها الحقيقي لا أن تكبرها حتى تمتص كل وقتك ، كم من طالب رسب لأنه توافقت أوقات مشاهدة المباريات الدولية مع الامتحانات ؟ فآثر متابعة هذه المباريات على مذاكرة دروسه ، إذاً ما أعطاها حقها ، أعطاها فوق حقها ، كم من طالب أعجب بلاعب إلى درجة تفوق حد الخيال ، وهذا اللاعب منحرف أخلاقياً ، هناك لاعبون يتعاطون المخدرات أحياناً ، لاعبون شاذون أحياناً ، هو لا ينتبه إلى هذا الانحراف الخطير ينتبه إلى أنه لاعب ، ودخله فلكي مثلاً ، وانتقل من فريق لفريق ، ومن دولة إلى دولة ، ودخله بملايين الدولارات ، معجب به ، مثل زيزو يعني .
2ـ لا يمكن أن نعتني بالرياضة إلا ونراعي حدود الله :
التحفظ الثاني أيها الأخوة ، لا يمكن أن نعتني بالرياضة إلا ونراعي حدود الله ، كشف العورات ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( الفخذ عورة )) .
[الترمذي عن ابن عباس وجَرْهَد بن خويلد]
كشف العورات محرم ، يقول عليه الصلاة والسلام :
(( ما فوق الركبتين من العورة ، وما أسفل السرة من العورة )) .
[أخرجه البيهقي عن أبي أيوب ]
يجب أن يكون اللباس الرياضي فوق السرة إلى تحت الركبة ، إذا عندك ابن بالمدرسة يجب أن تجعل لباسه الرياضي هكذا ، وأنت معك الحق ، ولا أحد يستطيع أن يسائلك ، أما إذا قال المعلم : ارتدوا ثياباً قصيرة جداً هذا اجتهاده ، أما أنا ابني أرسله بثياب تحت الركبة .
Text Box: التعري سلوك شيطاني والتستر سلوك رحماني :
سمعت قصة أن لاعب كرة متفوق جداً في مصر اعتزل اللعب ، والتزم بالشرع تماماً ، فاضطروا إليه لمباراة دولية مهمة جداً ، فطلب منه أن يشترك فاعتذر ، فلما أصروا عليه قال : أنا أرتدي الثياب الشرعية ، فسمح له أن يرتدي الثياب الشرعية في أثناء اللعب فأصبح قدوة لغيره ، وصار في عدة فرق رياضية ترتدي الثياب الشرعية ، الآن بالسباحة أيضاً ارتدِ ثياباً شرعية بالسباحة ، السباحة مطلوبة ، لكن الفخذ عورة ، في حديث آخر :
(( ما بين السرة والركبة عورة )) .
[ أخرجه الحاكم عن عبد الله بن جعفر ]
وفي حديث ثالث :
(( لا تبرز فخذيك ، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت )) .
[ أخرجه أبو داود عن علي ]
إذاً الرياضة مطلوبة ، والإسلام حض عليها بشرط أن يلتزم الطالب أو اللاعب حدود منهج الله عز وجل ، والآن والحمد لله معظم اللباس الرياضي لباس شرعي ، هكذا أرى أكثر البدلات الرياضية بدلات شرعية سابغة ، وإذا كان هذا يجب أن يراعيه الذكور فالإناث في المدارس يجب أن تراعيه أكثر وأبلغ ، يعني قضية دقيقة ، هذه ابنتك لا تسمح لها بارتداء ثياب إلا سابغة في درس الرياضة ، ولا أحد يستطيع أن يكرهها على ذلك ، هذا كلام دقيق ، موضوع عالجناه من سنتين ، التوجه الجيد والحمد لله ، كما أن الفتاة حرة في أن تتعرى ، حرة في أن تتحجب ، هذا التوجه الجديد ، وهذه نعمة كبيرة جداً ، لا أحد يستطيع أن يلزم ابنتك أن تتعرى بالمدرسة بداعي درس رياضة ، يعني إذا قلنا رياضة ضرورية للذكور والإناث معاً ، ضرورية وفق منهج الله ، وفق هذه الحدود ، الفخذ عورة ، يعني التعري من الشيطان ، والتستر من الرحمن ، فالإنسان كلما اقترب من الشيطان يظهر أجزاء من جسمه ، وكلما اقترب من الرحمن يتستر ، فالتعري سلوك شيطاني ، والتستر سلوك رحماني ، التعري له أخطار كبيرة جداً ، وقد ينتهي بالفاحشة .
Text Box: مهمة الشيطان الأولى أن ينزع عن المؤمن ثيابه :
قال تعالى :
(سورة الأعراف)
يعني أكمل شيء أن ترتدي ثياباً سابغة ، لكن :
(سورة الأعراف)
في ثياب أخرى ترتديها ثياب العفة ، ثوب الأمانة ، ثوب الصدق ، ثوب الإخلاص ، هذه ثياب أخلاقية ، هذه أفضل ، يجب أن تجمع بين نوعين من الثياب .
(سورة الأعراف)
الآن دقق :
( سورة الأعراف )
معنى ذلك مهمة الشيطان الأولى أن ينزع عن المؤمن ثيابه ، بحجة حر ، بحجة ثياب خفيفة أجمل ، بحجة مثل أختي ، هي ليست أخته ، ففي حجج اجتماعية وصحية وطقسية ومناخية ﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا ﴾ ، ومع نزع الثياب تبدأ الفتن ، وتبدأ المعاصي ، وتنتهي بالفواحش ، مئة حالة فاحشة أنا متأكد 90 % من هذه الحالات حينما بدأت لم يكن يخطر في بال من فعل الفاحشة أن يفعلها ، ولكن التعري هو الذي ساقه إليها ، فالتعري سلوك شيطاني ، والتستر سلوك رحماني : ﴿ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا ﴾ .
Text Box: متابعة التحفظات على الرياضة :
أول تحفظ أن توضع الرياضة في مكانها الصحيح ، نشاط من أنشطتنا ، سلوك من أجل صحتنا وقوتنا ، ولياقة أجسامنا ، وتدريبنا ، والإعداد لعدونا ، وليست ديناً يتبع ، وليست إلهاً يعبد من دون الله ، وليس أبطالها مُثلاً عليا ، هكذا .
التحفظ الثاني أن تراعى بالرياضة حدود الشرع ، لا كشف عورات ، ولا سماع أغنيات ، ولا اختلاط محرم ، ولا سباحة مختلطة ، رياضة ! رياضة لكن ما في اختلاط بالمسبح ، رياضة لكن في تستر ، رياضة لكن في أداء صلوات .
3ـ ألا تكون هذه التدريبات في أماكن مشبوهة :
التحفظ الثالث أن لا تكون هذه التدريبات في أماكن مشبوهة ، يعني أحياناً في نوادي فيها اختلاط ، مسابح فيها اختلاط ، هذه أماكن مشبوهة ، أنت إذا ارتديت ثياباً كاملة شرعية لكن في مكان لا يرتدي من حولك ثياباً شرعية فأنت آثم ، يقاس على هذا البحر في أيام الصيف ، أخي أنا أرتدي لباساً شرعياً ، والآخرون ؟! والآخرون يرتدون ثياباً غير شرعية ، إذاً المعصية ليست من عندك ، بل من الذي أمامك ، فأنت آثم إذا كنت معه في هذا المكان ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
(( الحلال بين ، والحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى المشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه ، ومن وقع في المشبهات وقع في الحرام )) .
[ متفق عليه عن الشعبي عن النعمان بن بشير]
لا ترتد أماكن مشبوهة ، وعن علي رضي الله عنه : "إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره " ، تقول السيدة عائشة رضي الله عنها :
(( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم )) .
[ رواه أبو داود وصححه الحاكم عن عائشة]
إذاً التحفظات حول الرياضة أن توضع في مكانها الصحيح من دون مبالغة ، من دون أن تكون ديناً يعبد من دون الله ، من دون أن يكون أبطالها مثلاً عليا لنا ، من دون أن تكون الرياضة إلهاً يعبد من دون الله ، هذا كله محرم في مكانها الصحيح .
الشيء الثاني مراعاة منهج الله ، بحرمة كشف العورات ، وحرمة ارتياد الأماكن المشبوهة ، مسابح مختلطة ، مسابح فيها كشف عورات ، ساحل بحر بالصيف بداعي الرياضة والسباحة هذا كله محرم .
4ـ أن تحرر النية من هذا اللعب :
شيء آخر أن تحرر النية من هذا اللعب ، أنت إذا نويت التقوي على طاعة الله فلك أجر ، إذا نويت أن تكون قوي الجسم لك أجر ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يحب الجسم السليم والعقل السليم ، لأن الله عز وجل أثنى على بعض أنبيائه أنه زاده بسطة بالعلم والجسم ، ولا شك أن تقوية الجسم ينطوي تحت قوله تعالى :
( سورة الأنفال)
يعني أنا أعلم أنه بالتدريب العسكري في مصارعة أحياناً ، في فرق الكومندس ، فرق المغاوير ، هذه تتقن المصارعة والملاكمة ، يعني الأعمال الرياضية العالية جداً ، إذاً هذا من الدين ، أنا حينما أقوي جسمي لأكون قوياً أمام أعدائي فهذا من الدين .
النية أن يكون هذا المؤمن قوياً حتى يستطيع أن يقوم بالمهمة التي أوكلت له ، أتمنى والله أن يكون في درس آخر متعلق بالتغذية ، دائماً الرياضة تحتاج إلى نظام غذائي معين ، والغذاء الجيد ليس هو الغذاء الغالي أطمئنكم ، الغذاء الجيد قد يكون أرخص غذاء ، لكن يحتاج إلى دراسة وإلى وعي ، يعني أحياناً هناك غذاء كله فيتامينات ، كله سيليلوز ، يملأ الأمعاء ، يحركها ، ينشطها ، يمتص الكولسترول ، يعطيه طاقة ، تشعر بخفة ونشاط وفي طعام .
أجنبي جاء كخبير فدعي إلى طعام دمشقي ثمين جداً ، أكل كبب حتى شبع ، لم يعد قادراً على الوقوف ، في اليوم الثاني في فتح طريق يحتاج إلى ديناميت ، وضعوا الديناميت فلم ينفجر ، قال : ضعوا كبة ، يبدو أنه كاد ينفجر بعدما أكل ، يوجد الكثير من الطعام الطيب لكنه مؤذي ، كذلك يوجد طعام خفيف يبقيك نشيطاً ، فإذا أنت علمت أسرتك أن تأكل أكلاً خفيفاً خضار مثلاً ، سلطات ، طعام غير مرهق ، أما الطعام الدسم تجد أن كل الأسرة مترهلة ، وكلها كسولة ، وكلها تريد النوم ، وكلها تريد شرب الماء ، يريدون الراحة فقط ولا يستطيعون العمل أبداً .
Text Box: اتقاء الأمراض عند العلم بأسبابها :
أنا ألاحظ أشخاصاً يريدون الذهاب لشراء بعض الأشياء على بعد خمسين متراً ، يذهب بالسيارة ، خمسين متراً ولا يستطيع أن يمشي ، تعلم على الراحة ، هذه الراحة لها مضاعفات في القلب خطيرة جداً ، لها مضاعفات في الرئتين ، مضاعفات في الجسم ، يعني هذه الأمراض الوبيلة لها أسباب ، قضية منظمة حينما تعلم أسباب الأمراض يجب أن تتقيها ، أنا أتمنى على كل إنسان أن يعمق ثقافته الرياضية ، ثقافته الغذائية ، ثقافته الصحية ، يعكسها على أولاده وبيته ، يجب ألا نبقى على عادات وتقاليد قديمة ، والله في أطعمة تسبب المرض يأكل حفاتي وسجق وكبب وكبة مشوية ، كلها دهون ، طبعاً هذا طعام لذيذ ، لكن مشكلته أنه مؤذٍ جداً ، فإذا كان نمط الغذاء لطيف ، خضار مثلاً ، أكل يعطي طاقة ، طبيب له نصيحة يراها جامعة مانعة يقول : كُلْ كُلَّ شيء ، لا شيء خلقه الله إلا وله دور كبير :
أولاً : يجب أن تأكل كل شيء .
ثانياً : أن تأكل باعتدال .
ثالثاً : أن تبذل جهداً .
رابعاً : أن تكون مرتاح النفس ، فالشدة النفسية أخطر من المرض .
أحد أخواننا ـ قصة طريفة ـ التقى مع طبيب قلب متفوق جداً ، يبدو أنهم اشتهوا طعاماً كله دهن ، لحمة شرحات وعليها دهن ، فالطبيب أكل الكثير من الدهن ، طبيب القلب ، دهش صديقه ، فقال له الطبيب : هذه الدهون أخف من ضغط نفسي بسيط ، ولا هزة بدن تعادلهم .
إذا وحد الإنسان يرتاح ، إذا استقام يرتاح ، إذا صدق يرتاح ، ليس عنده مواقف حرج أبداً ، فأحياناً الضغوط النفسية تأتي من الكذب والنفاق والاحتيال والسرقة ، هناك ضغوط نفسية تحطم ، فأفضل وضع هو الراحة النفسية مع بذل جهد ، الحد الأدنى من الرياضة أن تخدم نفسك في البيت ، تخدم نفسك يعني ذهبت إلى المطبخ وعدت ، وضعت حاجتك في مكانها الصحيح ، رتبت بيتك ، كل شيء رتبته هذه حركة ، هذا حد أدنى من الرياضة ، بعدها المشي ، سألني أحد الأشخاص : هل للرياضة علاقة مع العمر ؟ قلت له : أبداً ، العمر ثابت ، الرياضة تجعلك تعيش عمرك وأنت بخير دون أمراض ، العمر لا يتغير ، فقط يتغير وضع الإنسان بهذه الحياة ، إما أن يعيش عبئاً على الناس ، كل من حوله يتمنى موته ، أو يكون نشيطاً ، يعيش بقوته وكرامته ، فالرياضة مهمة جداً .
Text Box: في حياة الإنسان ثلاثة أشياء هامة دينه وعمله وصحته :
والله أتمنى أن أستطيع ذكر تفصيلات بالرياضة والتدريبات والمشي لأن الصحة والله كبيرة جداً ، نحتاج لدرس أهم وهو كيف تأكل الوجبات ؟ النبي الكريم قال :
(( أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ، ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم )) .
[ أخرجه الطبراني وابن عدي وابن السني وأبو نعيم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها ]
الآن معظم الناس تأكل عشاء دسماً ، ويذهب وينام بسرعة :
(( ولا تناموا عليه فتقسو قلوبكم )) .
قرأت مقالة أن أفضل طعام أن تأكل نصفه صباحاً ، و35% منه ظهراً ، و15% مساء ، الطعام يجب أن يتناسب مع الجهد بعده ، ما دام في 8 ساعات جهد بعد الصباح ، تأكل وجبة دسمة في الصباح ، وأنواع الغذاء ، يوجد غذاء مفيد جداً ، وهناك غذاء كله مواد حافظة ، مواد مسرطنة ، وهناك أشياء مزعجة ، هناك أطعمة لذيذة لكنها غير نافعة ، هناك أشياء نافعة لكنها ليست ذات طعم عالٍ ، لا بد من ثقافة .
أنا عندي كتاب مؤلفه أمريكي ، مكتوب فيه الغذاء يصنع المعجزات ، يمكن أن تعالج نفسك بالغذاء .
سأقول لكم كلمة أخيرة ، في حياة الإنسان ثلاثة أشياء ، في علاقته بربه ، هذه مهمة جداً ، إذا هذه العلاقة اضطربت تنعكس على جسمه وعلى عمله ، في علاقته بربه وفي عمله وفي صحته ، وأي خلل في واحدة من هذه الثلاث ينعكس على الاثنتين ، إذا في مشكلة بصحتك تنعكس على دينك وعلى عملك ، وإذا في بعلمك مشكلة تنعكس على دينك وعلى صحتك ، وإذا في بدينك مشكلة تنعكس على صحتك وعلى عملك ، دينك وعملك وصحتك ، ثلاثة يجب أن تعتني بها إلى أعلى درجة ، إنها إن صحت صَحَّت الجوانب الأخرى ، أتمنى مرة ثانية أن يكون للأخ ثقافة صحية ، ثقافة غذائية ، ثقافة رياضية ، وأن ينشأ على عادات جيدة حتى يتمتع بصحته ، وحتى تكون صحته في خدمة أهدافه ، والصحة تأتي بعد نعمة الإيمان .
(( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها )) .
[ أخرجه البخاري والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن محصن ]
والحمد لله رب العالمين