بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة الكرام ، لا زلنا في سلسلة تربية الأولاد في الإسلام ، ولا زلنا في القسم الثاني وهو الوسائل الفعالة في تربية الأولاد .
Text Box: القصة سلاح فعال وخطير ولها تأثير متعاكس :
بدأنا هذه الوسائل بالقدوة ، ثم بالتلقين والتعويد ، ثم بالموعظة ، وكان الدرس الأول في الموعظة النداء الإقناعي ، والنداء التحذيري ، ونداء الأفراد ، ونداء الجماعات ، ونداء الرجال ، ونداء النساء ، ونداء الناس عامة ، ثم تحدثنا عن أسلوب القصة ، وكيف أن القصة من أفعل وسائل التربية ، ذلك أنها تعرض قضية الإنسان في ارتفاعه ، وانحطاطه ، وتماسك المجتمع في تألقه ، وتخلفه ، وتبين حقيقة النفس البشرية من خلال تفاعلها مع الأحداث ، وكيف أن القصة من أنجع الأساليب التربوية في إقناع الإنسان بشيء ما ، كما أنها من أخطر الوسائل التي يستخدمها أهل الكفر والإعراض ، ببث الرزيلة والانحراف والعقيدة السيئة بين الناس ، ذلك أن الإنسان أمام القصة تسقط خطوط دفاعه ، فأفكار القصة تتسلل إلى الإنسان من دون أن يشعر ، وقيم القصة تتسلل إلى القارئ من دون أن يشعر ، فإذا أردت أن تهدم مبدأ فدع مهاجمته مباشرةً واسلك سبيل قصة تعرض نماذج سيئةً جداً في أصحاب هذا المبدأ ، إذاً هي سلاح فعال ، وسلاح خطير ، وللقصة تأثير متعاكس ، ويكفي أن الله سبحانه وتعالى يقول :
( سورة يوسف )
يكفي أن الله سبحانه وتعالى بين أن سيد الخلق وحبيب الحق يزداد قلبه ثبوتاً بسماع قصة نبي دونه ، حيث يقول :
( سورة هود)
Text Box: التوجيه القرآني المصحوب بأدوات التوكيد :
أيها الأخوة الكرام لا زلنا في الأساليب التي بيَّنها الله سبحانه وتعالى في الموعظة الآن ننطلق إلى موضوع الدرس الجديد ، التوجيه القرآني المصحوب بأدوات التوكيد ، أنت حينما تؤكد إنك حريص شديداً على أن تقنع المستمع .
( سورة النحل)
وقال :
( سورة النحل)
ماذا تفيد (إن) ؟ تفيد التوكيد .
( سورة العنكبوت)
وقال :
( سورة الأنفال)
(إن) تفيد التوكيد ، الله عز وجل غني عن أن يؤكد لنا ، القوي لا يحتاج إلى توكيد يبطش ، يسحق ، يدمر ، لكن الرحيم يقنع ويؤكد ، أنت حينما تحرص على ابنك حرصاً لا حدود له تقنعه بالفضيلة ، تقنعه بالحق وتؤكد له ذلك .
( سورة الزمر)
Text Box: قضية التوكيد أحد أساليب القرآن الكريم :
أيها الأخوة الكرام قضية التوكيد أحد أساليب القرآن الكريم ، الآن الاستفهام الإنكاري .
( سورة الطور)
Text Box: من أساليب القرآن الكريم في الموعظة النداء :
أحد أساليب التأثير الاستفهام الإنكاري ، لو قلت لواحد محترم جداً هل سرقت هذه الساعة ، ماذا ينبغي أن يقول ؟ لا ، أيعقل أن أسرقها ! أتعتقد أني سرقتها ! أيليق بي أن آخذها ! من شدة التأثر لا تقبل أن تقول لا ، لا بد من أن تستخدم أسلوب الاستفهام الإنكاري ، لو قرأتم آيات القرآن الكريم لوجدتم كيف أن الله وهو خالق الإنسان يخاطب هذا الإنسان ، مرةً بنداء .
( سورة التحريم)
وقال :
( سورة البقرة)
وقال :
( سورة الانفطار)
Text Box: أساليب أخرى للقرآن الكريم في الموعظة :
مرةً عن طريق القصة ، ومرة عن طريق الوصية والموعظة ، ومرة عن طريق النداء ، وعن طريق التوكيد ، وعن طريق الاستفهام الإنكاري ، أنت قد لا تنتبه ، الذي يلقي المواعظ بشكل رهيب من دون تنوع ، من دون تطوير ، من دون أساليب بلاغية لا يؤثر .
( سورة الطور)
هذه أساليب القرآن الكريم في الموعظة ، أسلوب الاستفهام الإنكاري هناك أسلوب آخر أسلوب الإقناع ، بالدليل العقلي ، يقول الله عز وجل :
( سورة آل عمران)
Text Box: عدم نجاح الدعوة إلا إذا خاطبت الإنسان بكل جوانبه :
أنت ينبغي أن تخاطب القلب تارةً ، وينبغي أن تخاطب العقل تارةً أخرى ، والأعظم من ذلك أن تخاطب القلب والعقل معاً ، فالله تعالى يخاطب القلب بقوله :
( سورة الانفطار)
ويخاطب العقل بقوله :
( سورة الانفطار)
أية دعوة أيها الأخوة تخاطب القلب وحده فهي دعوة عرجاء ، وأية دعوة تخاطب العقل وحدة فهي دعوة عرجاء ، لأن الإنسان عقل يدرك وقلب يحب ، ولن تستطيع أن تحدث فيه تأثيراً إلا إذا اتجهت إلى عقله تارةً وإلى قلبه تارةً أخرى ، والدعوة لا تنجح إلا أن تخاطب الإنسان بكل جوانبه ، الإنسان مادة ، الإنسان جسم ، ينبغي أن يأكل ، حينما تتجاهل حاجاته المادية لا يمشي معك إلى الله ، ينبغي ألا تتجاهل حاجاته المادية إلى الطعام ، إلى الشراب ، إلى الزواج ، إلى الكساء ، إلى المأوى ، لذلك حينما تبني الإنسان ينبغي أن تبنيه بناء متوازناً ، أن يسعى لإصلاح دنياه وأن يعمل لآخرته ، لماذا النبي عليه الصلاة والسلام لم يقبل إلا من واحد أن يأخذ ماله كله ، من الصديق رضي الله عنه ، لم يقبل من عمر ، لأن المال قوام الحياة ، فحينما لا تهتم بالمال إطلاقاً تصاب بأزمة قد لا تنجو منها ، فالنبي قال : "لكن عافيتك أوسع لي ".
( سورة الأنبياء)
Text Box: آيات الله في خلقه :
الآن يخاطب عقلنا بالدليل .
( سورة الأنبياء)
وقال :
( سورة الذاريات)
هل فكرتم مرةً أن المحاصيل تنضج في يوم واحد ، لو أن المحاصيل تنضج كالفواكه على ثلاثة أشهر ماذا يحدث ؟ عندك خمسين دونم قمح ، يجب أن تتجه إلى سنبلةٍ سنبلة تجثها إن نضجت تقطعها ، إن لم تنضج تتركها هذا شيء مستحيل ، رأيت إلى رحمة الله ، المحاصيل القمح الشعير الحمص العدس ينضج في وقت واحد ، ويحصد مرة واحدة ، أما البطيخ ، حقل البطيخ يستمر إنتاجه تسعين يوماً طول الصيف ، هذا البطيخ لو دخلت إلى حقل بطيخ لوجدت كل الثمار في لون واحد ، أين التي تقطعها ؟ يعني حسب الطريقة التقليدية يجب أن تنبطح إلى جانبها وأن تحملها ، هذا مستحيل ، جعل الله لك علامة للبطيخ ، حلزون بعد مأخذها بخمسة سنتيمتر يمسكه الفلاح ويضغطه فإذا انكسر البطيخة ناضجة إذا لم ينكسر فالبطيخة لم تنضج بعد ، الله قال :
( سورة النحل)
الفواكه كالتفاح الدراق الإجاص الكرز التوت ينضج تباعاً خلال شهر أو شهرين ، شيء آخر هذه الفواكه مبرمجة تبدأ بالكرز ، بعده اللوز ، بعده الإجاص ، بعده الدراق ، بعده التفاح ، بعده العنب ، على مدار الصيف الفواكه مبرمجة ونضجها مبرمج ، تدخل إلى حقل بندورة ، أو ليس حقلاً ، تدخل إلى بيت محمي تجد آلاف الثمرات الخضراء ، أما الحمراء كأنها تقول لك أنا نضجت تعال خذني ، فكل صاحب بيت محمي يملأ تقريباً صندوقين باليوم من هذا الحقل بسهولة ، هي لونها حمراء تناديك أنني جاهزة للقطاف ، والباقي أخضر .
Text Box: تعلق معظم ما نعيش به بالوهم :
الله تعالى قال :
( سورة الذاريات)
تذهب إلى فنلندا الحرارة سبعين تحت الصفر ، ترتدي قفازات ، ترتدي جوارب صوف ، ترتدي أجهزة داخلية صوفية ، ترتدي معطفاً ثقيلاً ، ترتدي قطعة قماش صوفية ، ترتدي قبعة صوفية ، ماذا تفعل بعينيك ؟ إنهم على تماس مع سبعين تحت الصفر ، وفي العين ماء لا بد من أن يتجمد هذا الماء فيفقد الإنسان البصر ، من وضع في ماء العين مادة مضادة للتجمد ؟ من ؟ الله جل جلاله ، لكن الشيء بالشيء يذكر سمعت قصة لها دلالة كبيرة جداً ، قال : رياضي من أبطال كرة القدم يجول بلاد العالم ويشترك في مباريات دولية ، لكن هذا الرياضي لا يمكن أن ينام صيفاً أو شتاءً أو ربيعاً أو خريفاً إلا في غرفة مفتوحة النوافذ ، لا يستطيع ، لا يمكن أن تغمض له عين في غرفة مغلقة نوافذها ، في مباراة في فنلندا ودرجة الحرارة 69 تحت الصفر ، والفنادق هناك نوافذها لا تفتح يسمونها نوافذ بلور ، فجاء هذا اللاعب لا يمكن أن ينام ، الفندق ليس عنده حل ، برد شديد ، ففكر أنه لا بد من أن أكسر هذا الزجاج حتى أنام ، وفي الصباح أدفع ثمن البلور ، ليس عنده حل ثاني ، فجاء بحذائه وضرب به النافذة فانكسر البلور ، ونام نوماً عميقاً كعادته ، فلما استيقظ وجد أن النافذة فيها لوحان من البلور ، فكسر واحداً منهما ، معنى ذلك أن الوهم أحياناً يفعل فعله بالإنسان ، هو لما كسر البلور توهم أن النافذة مفتوحة فنام ، أما عملياً كسر القسم الأول ، القسم الثاني لم يكسر ، إذاً الجو ما تغير ، ومعظم ما نعيش به متعلق بالوهم .
Text Box: الإنسان يؤمن بالله عن طريق خلقه ويعبده عن طريق قرآنه :
إذاً التوجيه القرآني المصحوب بالإقناع بالأدلة :
( سورة الذاريات)
الإنسان عاقل ، والإنسان كائن مفكر ، تتجاهل العقل ؟ لا ، هناك توجيه قرآني في الموعظة أساسه شمولية الإسلام .
( سورة البقرة)
يعني الإسلام شامل ، التقى بي إنسان قبل يومين أو ثلاثة ، قال لي : أنا من الجهة الفلانية هل أنا مخطئ في أنني ولدت في هذا المكان ؟ قلت له : لا ، الانتماء التاريخي لا قيمة له عند الله إطلاقاً ، القضية وما فيها أن الله خلقنا وهذا الكون يدل عليه ، ويشير إليه ، هذا الكون يؤكد أن له خالقاً مربياً مسيراً ، إلهاً موجوداً وواحداً وكاملاً ، هذا الكون يدعوك أن تؤمن أن لهذا الكون إلهاً ، أما كتاب الله يدعوك إلى أن تعرف إرادة الله ، ماذا يريد منك ؟ المنهج في القرآن ، والدليل في الكون ، تؤمن بالله عن طريق خلقه وتعبده عن طريق قرآنه ، فأي إنسان تعرف على الله واستقام على أمره يبلغ أعلى مرتبة عنده ، بصرف النظر عن انتمائه التاريخي أو عن مكان ولادته ، هذه كلها جاهلية ، عنعنات جاهلية .
Text Box: التنوع في التوجيهات القرآنية :
الآن هناك توجيه قرآني تصاحبه قواعد التشريع ، في توجيه قرآني تصاحبه أدلة عقلية ، في توجيه قرآني تصاحبه عموميات الإسلام ، عالمية الإسلام ، في توجيه قرآني تصاحبه أحكام شرعية ، يقول الله عز وجل :
( سورة النساء)
وقال :
( سورة آل عمران)
في خطاب قرآني يشعرنا بالمساواة :
( سورة الحجرات )
Text Box: أساليب القرآن متعددة والذي يُوفق في توجيه الناس ينبغي أن يستخدم هذه الأساليب :
أيها الأخوة الكرام إذاً القرآن فيه تنويع ، فيه نداء والنداء فيه مودة ﴿ يا بني ﴾ ، ﴿ يا أيها الذين أمنوا ﴾ ، ﴿ يا أيها الناس اعبدوا ربكم ﴾ في نداء ، القرآن فيه وصايا :
( سورة لقمان)
القرآن فيه توجيه معين ، القرآن فيه استفهام إنكاري ، فيه توكيد ، فيه بيان تشريعي ، فيه بيان شمولية ، أساليب القرآن متعددة ، والذي يوفق في توجيه الناس ينبغي أن يستخدم هذه الأساليب ، أما توجيه النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( الدِّينُ النَّصِيحَةُ )) .
[ مسلم عن تميم الداري ]
ورد في صحيح مسلم عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ .))
[ مسلم عن تميم الداري ]
أيعقل أن يعرف الدين بكلمة واحدة ، الدين النصيحة ، إن لم تنصح فلست ديناً ، الشاردون عن الله ينصح لمصلحتهم ، يعني قصة أرويها دائماً للطرفة أردت أن أشتري ستارة لغرفة في البيت ، دخلت إلى أحد المحلات وقد دُللت عليه ، قلت له : أريد ستارة من أجل غرفة الضيوف ، قال لي : لا تكون الستارة رائعة إلا أن يكون عرضها ضعف عرض الغرفة مع زيادة متر ، كلام مقنع ، حتى تأتي جميلة متداخلة ، حتى تشعر بالجمال يجب أن يكون عرض الستارة ضعف عرض الغرفة زائد متر ، أعجبني ثوب على الرف قلت : أريد من هذا الثوب ، فقاسه فإذا هو أقل من الضعف بمتر ، الغرفة ثلاثة أمتار ، والثوب الذي اخترته خمسة أمتار ، قال لي هذا المطرز على الفرد يأتي أجمل ، رأساً فبرك قاعدة جديدة ، الإنسان ينطق عن الهوى دائماً مصلحته ، ينبغي أن يبيع هذا الثوب ، بعد ما عمل محاضرة ماذا ينبغي أن تكون عليه الستارة ، ضعف عرض الغرفة زائد متر فالثوب الذي اخترته أقل من الضعف بمتر ، ففي قاعدة جديدة فبركها فوراً ، قال لي هذا المطرز على الفرد يأتي أجمل .
Text Box: الدين النصيحة :
إذاً : الدين النصيحة ، اسأل إنساناً يبيع أقمشة أو ألبسة ، قل له : أنت اختر لي اللون المناسب ، يختار لك اللون الكاسد عنده ، إذاً ليس النصيحة ، على هذا المستوى ليس النصيحة ، الدين النصيحة ، إن لم تنصح المسلمين فلست مؤمناً ، الدين النصيحة لله ، يعني انصح الناس أن يتبعوا منهج الله ، ولكتابه ، وانصح الناس أن يطبقوا القرآن ، ولرسوله ، وانصح الناس أن يتبعوا سنة النبي العدنان ، ولأئمة المسلمين ، انصح أئمة المسلمين ، ليس الشرط أن تنصحهم بغلظة ، قال أحدهم لأحد الأمراء : سأعظك بغلظة ، قال له : ولمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أرسل الله من هو خير منك إلى من هو شر مني ، أرسل موسى إلى فرعون ، لا أنت موسى ولا أنا فرعون ، فقال له :
( سورة طه )
ولمَ الغلظة ؟ من قال لك أن النصيحة ينبغي أن تكون قاسية ، من قال لك أن النصيحة ينبغي أن تكون فيها غلظة ، سيد الخلق وحبيب الحق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكمل الخلق قاطبة ، وأرحمهم ، وأكرمهم ، وأحلمهم ، وأعدلهم ، وأنصفهم ، وأجملهم ، وأفصحهم ، خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء ، ويوحى إليه وهو سيد الخلق ، وسيد ولد آدم ، وأوتي القرآن ، وبلغ سدرة المنتهى ، وأقسم الله بعمره ، ولم يخاطبه باسمه إطلاقاً ، لا يوجد يا محمد بالقرآن ، يوجد يا موسى ، يا عيسى ، يا زكريا ، لا يوجد يا محمد ، تجد يا أيها النبي ، يا أيها الرسول ، ومع كل هذه الميزات قال له :
( سورة آل عمران)
Text Box: معالجة القضية من أسبابها لا من نتائجها و هذا من توجيه النبي الكريم :
إن كان شخص لا هو نبي ولا رسول ، ولا يوحى إليه ، ولم يؤت قرآناً ، ولم يؤت معجزة ، ولم يؤت فصاحةً ، ولا كمالاً ، ولا جمالاً ، وغليظ ، ما هذه ؟
(( من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف .))
[الديلمي عن ابن عمرو]
((عليك بالرفق إن الرفق لا يكون في شي إلا زانه ولا يُنْزَع من شي إلا شانه.))
[رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها]
إنسان دخل بستان أنصاري ليأكل ، هذا الأنصاري ألقى عليه القبض وقيده وساقه إلى النبي وقد أحرز إنجازاً كبيراً ، ألقى القبض عليه وساقه إلى النبي ، هذا دخل بستاني من دون إذن ، وأكل من فاكهة بستاني فهو سارق ، قال له النبي :
(( ما علمته إذ كان جاهلاً ولا أطعمته إذا كان ساغباً ـ أي جائعاً ـ .))
[أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عباد بن شرحبيل]
والله هذه القصة تفعل فعل السحر في نفسي ، علمنا النبي أن نعالج القضية من أسبابها لا من نتائجها ، وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يودع أحد نوابه على بعض أقاليم الدولة فقال له : "ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب ؟ قال : أقطع يده ـ هذا هو الشرع ـ قال إذاً : إن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك ، إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم ونستر عورتهم ، ونوفر لهم حرفتهم ، فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها ، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً ، اشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية ".
ما أروع هذا الكلام ، النبي يعالج المشكلة من أسبابها لا من نتائجها ، يقول لك أبٌ ابني يسرق مني ، طبعاً هذا عمل سيئ جداً ، لكن يجب أن يفكر الأب لماذا ! لعلي مقصر في تأمين حاجاته ، أنا لا أقول لك يُسمح للابن أن يأخذ من أبيه من دون علمه ، مستحيل ، لكن دائماً فكر بأسباب المشكلة ولا تفكر بمعالجتها من نتائجها ، قال عليه الصلاة والسلام :
((الدِّينُ النَّصِيحَةُ ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ .))
[ مسلم عن تميم الداري ]
Text Box: اتباع النبي عليه الصلاة والسلام أسلوب الحوار في الموعظة :
روى الشيخان قال :
(( بايعت رسول صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم )) .
[ متفق عليه عن الجليل بن عبد الله رضي الله عنه ]
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( من دل على خير فله مثل أجر فاعله )) .
[مسلم عن أبي مسعود الأنصاري]
والله شيء جميل ، الذي فعله ينال أجراً ، والذي دله على الخير ينال مثل أجره ، يعني إن لم تملك مالاً لكن دللت غنياً على مساعدة فقير فلك مثل أجر الغني ، إن لم تملك علماً فدللت طالب علم على عالم مخلص ورع فلك أجر مثل هذا الطالب ، إن لم تكن طبيباً ودللت مريضاً على طبيبٍ مؤمن لك مثل أجر الطبيب ، حديث آخر :
(( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً )) .
[ مسلم عن أبي هريرة]
أيها الأخوة ، هذا كله من توجيهات النبي عليه الصلاة والسلام .
الآن نأتي على بعض الأمثلة لهذه القواعد في الموعظة ، القصص في القرآن كثيرة جداً ، وأطول قصة في القرآن هي قصة يوسف عليه السلام ، ومن براعة القصة أو من إحكامها أن الله ذكر مغزاها صراحة ذكر فقال :
( سورة يوسف )
الآن في أسلوب اتبعه النبي عليه الصلاة والسلام في الموعظة أسلوب الحوار ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
(( أتدرون من المسلم قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ثم قال : أتدرون من المؤمن ، قالوا الله ورسوله أعلم قال : المؤمن من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم ، أتدرون من المهاجر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال المهاجر من هجر السوء فاجتنبه )) .
[أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص]
سؤال وجواب ، ببعض الجلسات الخاصة الحوار ممتع ، الحوار يجذب القلوب ، إياك أن تكون المتكلم الوحيد ، الكلام مناوبة لا مناهبة فإذا كنت في مجلس ، في سهرة ، في ندوة ، في لقاء ، في وليمة ، في مناسبة ، اجعل الكلام حوراً بين الحاضرين ، الحوار يجمع القلوب ، أما التفرد بإلقاء الكلمة يدفع إلى السقم .
Text Box: القسم فيه تعظيم للموضوع :
يقول عليه الصلاة والسلام من أساليب الحوار :
(( أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا : لا . قال : فكذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا )) .
[البخاري عن أبي هريرة]
حوار آخر :
(( أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ ؟ قالوا : المفْلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : إن المفْلسَ مَنْ يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شَتَمَ هذا ، وقذفَ هذا وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيُعطَى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فَنيَتْ حَسَناتُهُ قبل أن يُقْضى ما عليه ، أُخِذَ من خطاياهم فطُرِحَتْ عليه ، ثم يُطْرَحُ في النار )) .
[ مسلم والترمذي عن أبي هريرة ]
الآن في موعظة بالقسم أحياناً يكون في مشكلة كبيرة يقول : والذي نفس محمد بيده ، والله الذي لا إله إلا هو ، القسم فيه تعظيم للموضوع .
(( والذي نفسي بيده ، لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلا تُؤْمِنُوا حتَّى تحابُّوا ، أوْلا أدُلُّكُمْ على شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ )) .
[مسلم عن أبي هريرة ]
(( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ! ـ قسم وتكرار ـ قيل : من يا رَسُول اللَّهِ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه ؛ أي شروره )) .
[متفق عليه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
Text Box: استخدام النبي عليه الصلاة والسلام الدعابة في موعظته :
أحياناً كان عليه الصلاة والسلام يستخدم الدعابة في موعظته يعني :
(( روِّحوا القلوبَ ساعة ، فإنّها إذا أُكرِهت عمِيت )) .
[الخطيب والسمعاني عن علي]
المؤمن ظله خفيف ، عنده روح دعابة ، حديثه لبق ومحبب ، يحبه الناس ويحبون استماع حديثه ، لا تكن ثقيلاً ، إن وعظت فاقتصد في الموعظة ، يقال اجلس إلى الطعام وأنت تشتهيه ، وقم عنه وأنت تشتهيه ، وأنا أقول للدعاة ابدؤوا بالموعظة والناس يشتهون موعظتكم وقفوا والناس يشتهون أن تتابعوا ، إذاً كان عليه الصلاة والسلام يستخدم الدعابة أحياناً .
(( إن رجلاً جاء إلى رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستحمله بعيراً من الصدقة ليحمل عليه متاع بيته ، فقال عليه الصلاة والسلام : إني حاملك على ولد الناقة ، فقال الرجل : يا رسول الله ماذا أصنع بولد الناقة ، فقال عليه الصلاة والسلام : وهل تلد الإبل إلا النوق ؟))
[ أبو داود والترمذي عن أنس رضي الله ]
مهما كان الجمل كبيراً هو ولد الناقة ، يعني أفهمه النبي الكريم عن طريق هذه المداعبة أن الجمل مهما كان كبيراً هو في الأصل ولد الناقة ، يعني في حديث والله أنا ما قرأته على أخوتي في أحد الخطب مخافة ألا يصدقوه مع أنه في الصحاح ، سيدنا ابن مسعود دخل على رسول الله في المسجد فرآه يصلي فاقتدى به ، طبعاً يصلي النبي وحده ، افتتح بالبقرة ، يقول أنه مئة آية ويركع بعدها ، وكمل إلى أن انتهت البقرة ، قال الآن يركع بدأ بآل عمران ، إلى أن انتهت آل عمران ، الآن يركع ، بدأ بالنساء إلى أن انتهت النساء ثم ركع ، فبقي بالركوع بقدر ما قرأ في القيام ، ثم في السجود حتى انسحب قبل أن يسلم ما تحمل ، هذا إذا صلى وحده كان هكذا ، أما إذا صلى بأصحابه :
(( كان أخف الناس صلاةً في تمام .))
[مسلم عن أنس رضي الله عنه]
Text Box: تحدث النبي الكريم عن هموم الناس :
كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصداً ، وحده صل ما شئت ، في أعلى درجات السعادة ، في قمة السرور ، أما مع الناس فيهم الضعيف ، فيهم المريض ، فيهم الصغير ، فيهم المرأة ، فيهم الشيخ الكبير كان إذا صلى بالناس كان أخف الناس صلاةً في تمام ، أما إذا صلى وحده البقرة وآل عمران والنساء ويركع ويسجد بمقدار ما وقف وركع .
(( كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتخوَّلنا بالموعظة مخافةَ السآمة علينا .))
[الترمذي والبخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]
كان إذا جلس مع أصحابه تحدث بحديثهم ، تجد أحياناً شخص يُظهر هيمنة وهيبة لا يتكلم إلا بالدين ، قالوا : والله في موجة فيضانات ، قال : هذا شيء لا يعنيني ، في ارتفاع حرارة مفاجئ ، في أسعار مرتفعة ، كان عليه الصلاة والسلام يتحدث عن هموم الناس ، إذا أنت كنت داعية موفقاً وهناك مشكلة تقض مضاجع الناس ينبغي أن تستمع إليهم ، وأن تدلي بدلوك في هذا الموضوع ، كان عليه الصلاة والسلام يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة ، وكان إذا وعظ عليه الصلاة والسلام مهيمناً في موعظته ، طبعاً لصدقه وإخلاصه وغزارة أفكاره وتركيز أفكاره .
قال وعظنا النبي عليه الصلاة والسلام موعظة احترقت منها الجلود ، وذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقلنا هذه موعظة مودع يا رسول الله فماذا تعهد إلينا ، قال :
((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة))
[أحمد والترمذي وأبو داود من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه]
(( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر :
( سورة الزمر )
(( ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده يحركها يقبل بها ويدبر ، يمجد الرب نفسه ، أنا الجبار ، أنا المتكبر ، أنا الملك ، أنا العزيز ،أنا الكريم ، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا إنه ساقط به وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
[أحمد ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما]
Text Box: الموعظة بضرب المثل :
من صدقه وانفعاله وحرصه وإخلاصه كان إذا تكلم ملك زمام الحاضرين .
قال عمر بن ذر لأبيه : يا أبتِ مالك إذا تكلمت أبكيت الناس ، وإذا تكلم غيرك لم يبكهم ، فقال : يا بني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة .
كلام دقيق ، أحياناً تكون نائحة مستأجَرة ، الآن امرأة فقدت زوجها ، وتحبه حباً جماً ، تَبكي بكاءً يُبكي كل من حضر ، أما إذا امرأة ليس لها علاقة بالموضوع إطلاقاً لكن يجب أن تتباكى أمامها ذوقاً ، أو مستأجرة ، فبكاء هذه غير بكاء هذه .
قال له : يا بني ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة .
(( مَنْ تَعَلّمَ صَرْفَ الْكَلاَمِ لِيَسِبِيَ بِهِ قُلَوبَ الرّجَالِ أو النّاسِ لَمْ يَقْبَلِ الله مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفاً وَلا عَدْلاً )).
[أبو داود عن أي هريرة ]
إذا الهدف أن تنتزع إعجاب الحاضرين أنت لست بمؤمن ولا داعية إذا كان هذا هو الهدف ، الموعظة بضرب المثل :
(( مَثَلُ المُؤْمِنِ الّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الأتْرَجّةِ رِيحُهَا طَيّبٌ وَطَعْمُهَا طَيّبٌ ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيّبٌ وَلا رِيحَ لَهَا ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرّيْحَانَةِ رِبْحُهَا طَيّبٌ وَطَعْمُهَا مُرّ ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الّذِي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلةِ طعْمُهَا مُرّ وَلا رِيحَ لَها ، وَمَثَلُ جَلِيسِ الصّالِحِ كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ أَنْ لَمْ يُصِبْكَ مِنْهُ شَيْء أَصَابَكَ مِنْ رِيحِهِ ، وَمَثَلُ جَلِيسِ السّوءِ كَمَثَلِ صَاحِب الكِبرِ إِنْ لَمْ يُصِبُكَ مِنْ سَوَادِهِ أَصَابَكَ مِنْ دُخَانِهِ )).
[أبو داود عن أنس رضي الله عنه ]
الموعظة بالمثل ، الموعظة بتحريك اليد ، أحياناً الحديث الناجح في معه حركات يد ، وحركات رائعة فيها تمثيل رائع .
(( كافل اليتيم له أو لغيره ، أنا وهو كهاتين في الجنة )).
[مسلم عن أبي هريرة ]
Text Box: الموعظة أنواع :
هناك أحاديث كثيرة فيها إشارة :
(( يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به ، قال : قل ربي الله ثم استقم ، قال : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليّ ؟ فأخذ عليه الصلاة والسلام بلسان نفسه وقال هذا )).
[الترمذي عن سفيان بن عبد الله البجلي رضي الله عنه]
(( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأسا فيهوي بها في نار جهنم سبعين خريفاً )).
[(الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبى هريرة]
هناك موعظة بالرسم ، رسم النبي مستطيلاً وقال : هذا أجل الإنسان ورسم خطاً خارجاً عنه وقال : هذا أمله ، ورسم خطوطاً عرضية قال : هذه حوادث الدهر ، حوادث الدنيا ، في موعظة بالفعل التطبيقي .
(( جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال : يا رسول الله كيف الطهور ؟ ـ الوضوء ـ فدعا النبي بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثاً حتى استوفى ثم قال : فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم .))
[أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده]
ومرة توضأ أمام أصحابه ، قال :
((من توضأ مثل وضوئي هذا ثم قام فصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه.))
[عبد الرزاق ، والنسائي عن عثمان]
الآن الموعظة بانتهاز المناسبة : مرّ النبي بشاة ميتة فقال لأصحابه :
(( أترون هذه هينة على صاحبها ؟ فو الذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها .))
[ابن ماجة عن سهل بن سعد]
ما لها قيمة إطلاقاً ، مرةً رأى امرأةً تقبل ابنها وهي تخبز على التنور ، قال :
(( أترون هذه طارحةً ولدها في النار لَلَّهُ أرحمُ من عباده من هذه بولدها .))
[البخاري ومسلم عن عمر]
هذه موعظة مع المناسبة ، في موعظة مع الالتفات للأهم .
(( رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة يا رسول الله ؟ ـ هذا اسمه أن ترد الإحراج بإحراج مثله ـ قال : وماذا أعددت لها ؟ .))
[البخاري عن أنس]
Text Box: أساليب أخرى للنبي عليه الصلاة والسلام في الموعظة :
يروى أن أبا حنيفة النعمان رحمه الله تعالى دخل على المنصور وكان عنده قاضٍ من أعدائه ، فالقاضي انتهزها مناسبةً كي يوقع بين المنصور وبين أبي حنيفة ، قال : يا إمام جئتنا ، إذا أمرني الخليفة بقتل امرئ أأقتله أم أتريث ـ الخليفة جالس ، إن قال له : لا ترد على الخليفة ، يقطع رأسه ، وإن قال له : اقتله ، سقط من عين الله ـ قال له : الخليفة على الحق أم على الباطل ؟ قال له : على الحق ، قال له : كن مع الحق ، فلما خرج قال : أراد أن يقيدني فربطته ، هذا أسلوب ، قال له : متى الساعة ، أثناء الخطبة ، قال له : وماذا أعددت لها ؟ هذا أسلوب .
هناك موعظة بأن تظهر الشيء المحرم :
(( أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبًا بِيَمِينِهِ وَحَرِيرًا بِشِمَالِهِ ، فَقَالَ : هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌ لإِنَاثِهَا.))
[مسند البزار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه]
هذه بعض أساليب النبي عليه الصلاة والسلام في الموعظة ، منوعة جداً ، إن أردت أن تعظ ، وأن تؤثر ، وأن تشكل موقفاً ، وأن تحمل على فعل ، وأن تبعد عن فعل ، فاستخدم الأساليب التي اتبعها النبي عليه الصلاة والسلام ، أنا أسميها أيها الأخوة سنة النبي الدعوية ، النبي له سنة افعل ولا تفعل ، له سنة في الدعوة إلى الله هكذا كان يفعل ، وما من داعية ، وما من أب ، وما من معلم يقلد النبي في سنته الدعوية إلا ينجح ويتألق ، وما من داعية ، أو معلم ، أو أب يخالف منهج النبي بالدعوة إلى الله إلا ويثير حوله جدلاً كبيراً .
والحمد لله رب العالمين